LA VIE ET LES ASSOCIATIONS

إن العمل الجمعيّاتي يعتبر أرقى مظاهر العطاء وهو بالتّالي أنبل ما يمكن أن يجود به الفرد من وقته…أو ماله…أو بنات أفكاره خدمة للآخرين دون مقابل أ و مردود منتظر ، فهو مجال للتطوّع وإضافة تقدّمها مجموعة جمع بينها قاسم مشترك ألا وهو الحبّ والولاء والرّغبة في إعلاء شأن والرّفع من منزلة وقدر ( يحفّه غالبا التّعصّب والمغالات…) الجمعيّة…لهيكل…لمؤسّسة…لحيّ…لقرية…لمدينة…لبلاد…لحزب…لمنظّمة…للوطن وهو آنصهار وآلتزام أخلاقيّ وأدبيّ في سبيل التّفاني لتحقيق أهداف إنسانيّة راقية إنّه الثّابت من الثّوابت الّتي يزخر به تراثنا وحضارتنا العربيّة الإسلاميّة فما أحوجنا في عصرنا هذا عصر آتّسم بطغيان المادّة عصر تلفّه أصابع أخطبوط العولمة والّذي لا مجال فيه للمجانيّة… إنها دعوة لإيلاء هذه القيمة الإنسانيّة حقّها حتّى تتربّى ناشئتنا وفلدات أكبادنا على حبّ الآخر مهما كان جنسه ، لونه ، دينه ،حسبه ، عرقه ، نسبه موقعه ومكانته في المجتمع… و حتّي تتحلّى بالفضيلة من الأعمال وبالتّالي نرسّخ فيهم و فينا موروثا كاد أو يكاد يندثر، تعود بي ذاكرتي وأنا صبيّ إلى عجينة الخبزة السّمراء والّتي أعدّتها خالتي فلانة ووضعتها على عتبة الباب الخارجيّ لبيتها فيمرّ أحدهم وقد لا يكون من الجيران فيوصلها إلى فرّان الحيّ في طريقه فيتعرّف عمّي "الكوّاش" إلى صينيّتها أو قطعة الخشب الّتي طرحت عليها خبيزها ويقوم بالواجب ولعلّه بعد إنضاجها يرسلها ويوصلها مع صبيّ الفرن إلي أصحابها … قد يتبادر إلي أذهان البعض إلى أنّ هذه التصرّفات هي من نسج الخيال و قبيل الخرافة ! عفوا أخي إنّها من صميم مآثر أهالينا مدنيّين كانوا أم قرويّين إنّه مثال أسوقه لذكر مجالات المبادرة وخدمة الآخرين وغيره الكثير الكثير... ولعلّي أضرب مثالا آخر ليس ثمّة أروع وأبلغ وأنبل منه على مستوى البشريّة قاطبة " أن تزيح أذى عن الطّريق العامّ" مثلا فبحركة بسيطة يكون الفرد قد قدّم خدمة لنفسه ، للآخرين ، لبيئته ، لحييّه ، لبلديّته ، لمدينته، لوطنه ، للإنسانيّة وما أنبل وأعظم قيمة أخلاقيّة يتلقاها منك آبني آبنك أبناؤنا وما أبلغه من درس عمليّ في الحياة هي دعوة في النّهاية إلى التّطوّع والإيثار والتّفاني في مساعدة وخدمة الآخر