أكثر من 150 ألف زوج محرومون من الإنجاب... والكنا&#

رغم ارتفاع نسبة الأزواج الذين يعانون من صعوبات في الإنجاب فإن الصندوق الوطني للتأمين على المرض لا يعتبرهم مرضى، وبالتالي لا يتكفل كليا بمصاريف علاجهم. وتؤرق هذه المعضلة العديد من الأزواج الراغبين في الإنجاب خاصة ضعيفي الدخل الذين لا يقدرون على تحمل نفقات العلاج لدى أطباء النساء والتوليد التي تتجاوز في بعض الحالات الألف دينار ويمكن أن تبلغ ألفين أو ألفين ونصف دينار حسب ما أكده أطباء نساء وتوليد..

وتقول السيدة هدى الراغبة في الإنجاب: "إن عيادات طب النساء مكلفة جدا في غياب استرجاع مصاريف العلاج.. وقد وجدت نفسي مجبرة عدة مرات على اقتراض مبالغ مالية من أقاربي لمواصلة العلاج". وتضيف: "إنني أعيش توترا نفسيا كبيرا بسبب الحرمان من الإنجاب رغم أن الأمل موجود وإمكانية الحمل مرتفعة وفق ما أكده لي أكثر من طبيب عدته.. لكنني غير قادرة على توفير مصاريف التداوي رغم تمتعي بالتغطية الصحية وانخراطي في الصندوق الوطني للتأمين على المرض لأنني لم أسترجع النصيب الأكبر من مصاريف العلاج".

وفي نفس الإطار يقول الدكتور المنصف الخلادي كاتب عام النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص: "إن النقابة تأمل في مفاوضاتها مع الكنام إلى الوصول إلى صيغة مثلى لتكفل الصندوق بعيادات علاج ضعف الخصوبة والمساعدة على الإنجاب لدى النساء والرجال على حد سواء".

وأضاف: "في ظل انخفاض مؤشر الخصوبة الذي بلغ أقل من طفلين لكل إمرأة في سن الإنجاب ونظرا لتأخر سن الزواج وأمام وجود أكثر من6 بالمائة من الأزواج يعانون من صعوبات في الإنجاب فإن التكفل بعلاج من يعانون من صعوبات في الإنجاب يعد مسألة ملحة."

وتتراوح نسبة المحرومون من الانجاب وفق ما ذكره الدكتور بين 6 و10 بالمائة..واذا اعتبرنا أن عدد الأسر في تونس بلغ سنة 2008 أكثر من مليونين و407 الاف أسرة فان عدد الأزواج المحرومون من الانجاب يتجاوز 150 ألف.

وخلافا لما ذكره الدكتور خلادي فإن مصادر الصندوق الوطني للتأمين على المرض تقول : "إن صعوبات الإنجاب ليست مرضا لذلك لا يمكن أن نتحدث عن غياب التغطية الصحية.. لأن الصندوق يتكفل بالأمراض لكن علاج مشاكل صعوبات الإنجاب يندرج في إطار خدمات الرفاهة".

لكن الدكتور خلادي يذهب إلى أن: "الحق في الإنجاب هو من بين حقوق الإنسان.. و يعتبر الإنجاب ضامنا لاستمرار الأجيال وتكوين الأسر ومصدرا لسعادتها واستقرارها وليس رفاهة".

وفي نفس السياق تقول السيدة بهيجة فهري الناشطة في الجمعية التونسية للصحة الإنجابية:" إن عدم تكفل "الكنام" بمصاريف علاج صعوبات الإنجاب يجبر العائلات على إنفاق أموال طائلة للتداوي وأحيانا يعجز الأزواج عن مواصلة العلاج بسبب عدم توفر المال الضروري".

وذكرت السيدة فهري أن الجمعية تقدم مساعدات مادية لعدد من الأزواج كما أنها تربط الصلة بينهم وبين أطباء نساء وتوليد متطوعين لتمتيعهم بعيادات مجانية لكن يتمثل العائق الأكبر في ارتفاع أسعار الأدوية وبقية التدخلات فهي مكلفة ويمكن أن تتجاوز الألف دينار".

ارتفاع الكلفة

بين الدكتور منصف خلادي أن كلفة علاج صعوبات الإنجاب يمكن أن تصل إلى 2500 دينار وقد تتجاوزها عند الالتجاء إلى تقنية طفل الأنبوب وقال "حتى التغطية الصحية التي يؤمنها صندوق التأمين على المرض في هذا المجال ليست كاملة".

وفي نفس الإطار تؤكد مصادر الكنام أن "الصندوق يتكفل ببعض الأدوية الخصوصية لعمليات طفل الأنبوب كما أنه يتكفل باسترجاع مصاريف عيادات طبيب النساء والتوليد في إطار سقف محدد.. ونظرا لأن سعر هذه العيادات مرتفع فإنه سرعان ما يتم بلوغ السقف".

وهو نفس ما ذكرته السيدة هدى التي بينت أنها لا تعرف تحديدا ما يمكنها أن تتمتع به من الكنام كما أن الطبيب بدوره يغالطها ويحدث أن يعمر لها بطاقة استرجاع المصاريف لكنها حينما تقصد الكنام يخبرونها أنه ليس لها الحق في استرجاع المصاريف.

وإجابة عن استفسارها يقول الكاتب العام للنقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص: "نتعرض إلى عديد الإشكاليات من هذا القبيل مع المرضى بسبب نقص المعلومة فطبيب النساء والتوليد لا يعرف بعد بدقة ما هي المصاريف التي يمكن لمريضة أن يسترجعها وما هي المصاريف التي لا يمكنه استرجاعها.. وحدث أن اتصلنا بالمراكز الجهوية للكنام للاستفسار عن الأمر لكننا لا نجد الإجابة أو هي تختلف من مركز إلى آخر".

ويذكر أن الصندوق أنتج العديد من المطويات التي تعرّف بخدماته لكنها محدودة العدد، كما وضع بموقعه على شبكة الانترنيت ركنا للأسئلة المتداولة لكنها مقتضبة، وله خط هاتفي أخضر لكنه مشغول في أغلب الأوقات لارتفاع عدد المتصلين به..

ولهذا الغرض يطالب أطباء القطاع الخاص بتطوير الإعلام حول خدمات "الكنام".