وفاة سيدة أثناء المخاض اثر وضعها مولودا

يوم السبت 19 جوان سوف لن تنساه الطفلة الرضيع رحمة ابنة الأسبوع بقية حياتها ليس لانه يوم ولادتها فقط بل لأنه أيضا يوم وفاة والدتها أثناء المخاض بها ويوم تيتمها. فهي لم تجد من يرضعها ولا من يحضنها ساعة ولادتها بل وجدت نفسها يتيمة منذ الساعة الأولى بين أحضان أقاربها. كما حرمت حضن والدتها المغترب الذي وجد نفسه عالقا في احد الدول الأوروبية لا يقدر على العودة ليحضن كريمته ولا ليشهد جنازة زوجته التي لفظت أنفاسها وهي تهبه ريحانته. بينما تجندت عديد الجهات بحثا عن الحقيقة خلف الستائر وبين غرف العمليات.
تفاصيل هذه الصورة القاتمة ارتسمت فجأة في منزل والدي السيدة شريفة التليلي (29 عاما) التي فارقت الحياة متأثرة بنزيف وآلام المخاض أثناء وضعها طفلتها
بقسم التوليد بالقيروان رغم جهود فريق الإنعاش لإنقاذها.
وقد تولت الجهات الأمنية التحقيق في الموضوع على اثر شكاية عدلية في الغرض من أهل الهالكة كما أذنت الإدارة الجهوية للصحة بالقيروان بالتحقيق في وفاة السيدة. كما تبنت جهات حقوقية الواقعة.
توجهت المرأة الحامل يوم السبت 19 جوان لوضع حملها الذي كان من جنس الإناث الا ان حالتها سرعان ما تعكرت أثناء المخاض وتطورت بعد الولادة لتتحول الى نزيف حاد وفق مصادر رسمية وأقارب الهالكة وقد عجز الإطار الطبي عن إيقافه في الوقت المناسب ما أدى الى وفاتها لاحقا رغم تدخل إطار جراحة الإنعاش الطبي وتقديمه الجهود اللازمة. غير ان أقارب المرأة تقدموا بشكوى في الغرض يزعمون فيها تعرض قريبتهم للإهمال الذي تسبب في تعكر صحتها ووفاتها لا حقا حسب مضمون الشكوى كما أمرت الدارة الجهوية للصحة بالقيروان بالتحقيق في المسألة.

بين الحياة والموت
وفاة السيدة شريفة أثناء مخاضها بطفلها الأول(بكر) مثلت صدمة وفاجعة لأسرتها كما مثلت حادثة حزينة داخل قسم التوليد بالقيروان حديث البناء والمعزز بالإطارات الطبية والتجهيزات الضرورية.
اتصلت بأقارب الهالكة بحثا عن تفاصيل إضافية عن الواقعة وما أحاط بها من غموض داخل الكواليس التي دخلتها شقيقة الهالكة، كما اتصلت بالجهات الطبية المعنية لاستيضاح الأمور والبحث عن الحقيقة.
في أحد منازل أقاربها جلست تقلب بين يديها هاتفها الجوال وتؤكد انه يتضمن صورا وتسجيلات بالفيديو لما حدث. تتجه بناظريها الى شقيقها العائد لتوه من احدى الدول الأوربية كأنما تستأذنه في الكلام ثم تنطلق في سرد تفاصيل الحكاية بإطناب.
وعن هذه التفاصيل ذكرت شقيقة الهالكة(في العقد الثالث) انها رافقت شقيقتها الحامل يوم السبت 19 جوان عند الساعة العاشرة صباحا الى قسم الولادات بمستشفى ابن الجزار بالقيروان والتي حان موعد ولادتها الأولى بعد زواجها سنة 2007. وذكرت انه تم قبولها في المستشفى ووضعها في غرفة خاصة للولادة وأعدوا لها التحضيرات اللازمة للمخاض كما رافقتها الى داخل القسم وذلك لكونها طالبة في علوم التمريض. غير انه وبعد مضي عدة ساعات عن مخاض الهالكة لم توفق في الوضع بل أكدت ان حالة شقيقتها الصحية تعكرت وحصل لها نزيف دموب حاد بينما كانت تشاهد الممرضات من حولها في وضعيات مريحة يراقبن الأمر عن كثب لكن دون تدخل قبل ان تأذن لهن الطبيبة المعنية بإنزالها الى قاعة الانتظار وهي تتألم كثيرا بسبب وقوفها على قدميها.

"الخلاص"

داخل قاعة الانتظار لبثت شريفة تبذل قصارى جهدها من اجل ان ترى طفلتها النور دون ان تتمتع بمساعدة طبية بسبب قرار الإطار الساهر إعطاء فرصة للسيدة دون تدخل قيصري إضافة الى عبارات مبهمة وأحيانا مهينة من بعض الممرضات.
أمضت شريفة ليلة كاملة ممدة على طاولة الوضع تنتظر "الخلاص" الى غاية منتصف الليلة موعد وضعها اي بعد 14 ساعة من المخاض. غير انه كان مخاضا عسيرا الى درجة انها لم تحضن ابنتها ولم ترضعها بسبب حالتها الحرجة وانشغال الإطار الطبي بإيقاف النزيف لحاد الذي ألم بها فجأة.
"أريد ان اعرف حقيقة ما دار داخل غرفة العمليات دون ان يسعفني بها احد" تقول الشقيقة قبل ان تضيف:"علمت بعد بحث طويل ان شقيقتي وضعت وان حالتها خطيرة بينما تم نقل الرضع الى قسم طب الولدان بسبب تأثره بتعكر صحة والدته. وذكرت الشقيقة ان الهالكة نزفت كثيرا وان الإطار الطبي تجمع حولها وعلى وجوههم علامات اليأس من إنقاذها قبل ان يتم استدعاء أخصائي طب الإنعاش الذي تولى نقل السيدة على متن وحدة الإنعاش المجهزة الى قسم الجراحة بالأغالبة أين تدخل الإطار الطبي لتقديم الإسعافات اللازمة غير ان السيدة فارقت الحياة متأثرة بالنزيف الحاد
الذي مكنت الجهود من إيقافه بعد استئصال الأرحام قصد إيقاف النزيف.

القضاء والإدارة على الخط

وعلى اثر وفاة السيدة تقدم أقاربها بشكوى عدلية في الغرض لإجراء التحقيق اللازم في الغرض والتي يزعم فيها اقرب المرأة تعرضها للإهمال والخطأ الطبي كما دخلت الإدارة الجهوية للصحة على الخط لإجراء تحقيق داخلي لحديد الأسباب الحقيقية لوفاة السيدة اثناء المخاض.
وباتصالنا بالسيد خميس حسين المدير الجهوي للصحة بالقيروان أفادنا بعد تقديمه التعازي والدعاء بالرحمة لأهالي الهالكة التي توفيت في اول ولادة لها، أنه تم إجراء تحقيق داخلي في الغرض وبين ان الوقاة ناجمة عن مرض يعرف بتخثر
الدم .نافيا ان تكون الوفاة ناجمة عن خطأ طبي. وبين ان المرأة حضرت الى المستشفي وهي في حالة
مخاض عسير وان ولدت بعملية قيصرية بعد إعطاءها فرصة للوضع بشكل طبيعي. وأضاف ان الإطار الطبي تفطن الى نزيف دموي لدى المرأة علىطاولة العملية ازداد حدة بمرور الوقت بعد الولادة ونجاح الإطار الطبي في إنقاذ
الجنين)من جنس الإناث( رغم التدخل المباشر والحيني لكن النزيف تواصل وتضاعفت حدته وانتقل من الخارج الى الداخل. وبين المسؤول ان الإطار الطبي طرق جميع السبل والطرق الطبية المعروفة لوقف النزيف. وقد تم إمداد المريضة بكافة وسائل العلاج والإسعاف وفق المسؤول وتم إمدادها بقوارير دم بلغت 13 قارورة. وبين ان التحقيق الذي أجرته الإدارة بين ان الإطار الطبي استنفذ جميع الجهود قبل تدخل وحدة الإنعاش بقسم الاغالبة الذي تلقى المريضة بعد وقف النزيف. وأكد ان ما زاد الأمور تعقيدا هو وجود 3 حالات نزيف أخرى تم إنقاذها
بفضل تدخل الإطار وتوفر الأجهزة دائما حسب قوله.

"الرحمة"

واصلت متابعة التدخل الطبي لفائدة شريفة مع انتقالها الى وحدة الإنعاش بالاغالبة وهو الأمر الذي أثار حوله بعض الشكاوي عن سبب نقل المرأة من قسم التوليد. وبين الدكتور منير الخراط ان الحالة الصحية للمرأة (شريفة) كانت حرجة وقد نقلها في ظروف صحية دقيقة ومضبوطة وقبولها بوحدة الإنعاش وتقديم العناية المركزة لها مبينا ا ن اول ولادة تكون صعبة دائما وقد تم بذل جهود كبيرة لإنقاذ حياتها لكن الخسارة كانت ثقيلة حسب تعبيره رغم تطور القطاع توفر التجهيزات مضيفا انه تم إنقاذ ثلاث حالات مماثلة.
هذا ومن المنتظر ان يتواصل التحقيق في القضية اثر تدخل الجهات الأمنية على اثر شكوى أشقاء الهالكة ووالدتها. بينما لا يزال زوج الهالكة عالقا عاجزا عن السفر والعودة بسبب مشاكل في الوثائق. وتركنا "رحمة" تنظر رحمة أقاربها وإنصاف المسئولين لتيتمها وعودة والدها المغترب