my book, mon livre

اختتمت بالقيروان في نهاية الأسبوع الاستشارة الوطنية حول الكتاب والمطالعة والتي شهدت مداخلات للأساتذة صلاح الدين بوجاه وعبد الرحمان الكبلوطي ورشيد سعيدان ممثل إدارة المطالعة العمومية.
وأكد الأديب صلاح الدين بوجاه أن تونس تشهد ثورة معرفية هادئة إذ تمكن القيمون على أمر الكتاب والمكتبات من إحداث تغيير عميق في العقليات يتماشى مع توجه النخب السياسية في بلد يؤمن بالثقافة.
وأشار الدكتور أنه بعد أصبحت الثقافة وثيقة الصلة بالحياة وبعد أن خاضت في كل مجال وأصبحت ثقافة علمية تكنولوجية بيئية ، مرتكزة على قيم حقوق الإنسان والمرأة، والتعليم، فإنّ تونس تقبل على توطيد الصلة بين الكتاب وقارئه ضمن ذلك الترابط العضوي الذي يخاطب كيان الإنسان. ويدعم فهمه للماضي والحاضر والمستقبل باعتبار أن الكتاب يمثل "ذاكرة الشعوب".
وأضاف الدكتور صلاح الدين بوجاه أنّ تونس آمنت بالتغيير، وأيقنت من جدوى المراهنة على الإنسان، واعتبرت أنّ ثورة الثورات لا تنبع بالضرورة من باطن الأرض بقدر ما تنبثق من أذهان البشر، ، فانسجمت السياسات مع رؤية تستسيغ هذا التوجه وتؤمن به.
ولاحظ الدكتور أن توطيد "الثورة المعرفية" يمكن أن يلم بوسائل الاتصال الحديثة كلها، لكنّه يمر ضرورة بالكتاب بما يضمن حقا مواصلة استحداث تلك الثقافة الشاملة التي تنطلق من الإنسانيات والعلوم الصحيحة وتحتفي بالجانب التقني احتفاءها بالنواحي الافتراضية غير الحسيّة.
وأشار الدكتور أنّ "ايطالو كالفينو" قد أكد منذ وقت أنّ هذا العصر هو عصر الدقة والسرعة والتعدد والشمول. وتونس تؤمن بهذا وتضيف إليه مفاهيم المشاركة والتضامن ونشر الثقافة الرقمية.
وأشر الأستاذ والشاعر عبد الرحمان الكبلوطي في مداخلته التي عنونها ب "الرهان الثقافي وتداول الكتاب وترسيخ عادة المطالعة" أنّ الدول وجدت شعوبها في أزمة قراءة، لذلك اتخذت الإجراءات الكفيلة بإعادة الاعتبار إلى هذه العادة الحميدة، ومنها تونس الحريصة دوما على رفع راية العلم والعلم منذ الفتح الإسلامي وعهد الأغالبة وما بعده في عهد بني زيري وما إنشاء بيت الحكمة في القيروان إلا دليل على ترسيخ حب العلم وحث الهمم على القراءة.
واقترح الأستاذ عبد الرحمان الكبلوطي جملة من الاقتراحات العملية للنهوض بالمطالعة والكتاب منها ضرورة إيجاد آليات متجددة تسمح بترويج الكتاب داخل المدن والقرى والأرياف من ذلك تكثيف المكتبات المتجولة وتيسير طريقة المطالعة فيها وبعث مقاه ثقافية في المدن والمنتزهات لتصبح فضاءات رحبة للقراءة وانتشار الكتاب.
واقترح أيضا تطوير عمل المكتبات العمومية بتجديد طرق أعوانها بيداغوجيا وتجهيزها بالوسائل الحديثة للاتصال إذ لا فرق بين قراءة الكتاب على الورق أو عبر الحاسوب .
كما أكد على تحريك همم أهل التربية في المدارس والمعاهد كي يهتموا بهذه المسألة بحيث تكون الدعوة إلى تناول الكتاب والقراءة شأنا يوميا لدى المربين مع ضرورة إقامة المباريات الثقافية الخاصة بمطالعة الكتب مع دعوة وزارة التربية إلى تعديل الزمن المدرسي وترك المجال للناشئة حتى يجدوا الوقت المناسب للترفيه والتسلية والمطالعة مع جعل المطالعة مادة من مواد التعليم يجازى عليها التلاميذ.
واقترح الكبلوطي أيضا دعم الكتاب بمزيد التعريف به وتكثيف المعارض وإصدار طبعات غير مكلفة حتى يعود الاعتبار للكتاب وتترسخ عادة المطالعة.
وفي مداخلة السيد رشيد سعيدان ممثل إدارة المطالعة العمومية بين أنه منذ 1972 تم بعث شبكة جديدة للمكتبات تعد حاليا 373 مكتبة قارة ومتنقلة تحت إشراف إدارة المطالعة العمومية يرتادها 54بالمئة إناث و46 بالمائة ذكور وأن الإقبال الأكبر هو للتلاميذ والطلبة مما يجدر تبعا لهذا التنسيق بين المؤسسات ذات الصلة كوزارة التربية والتكوين والتعليم العالي ووزارة الشؤون الاجتماعية واستيعاب التطورات التكنولوجية الاتصالية الحديثة.
وساهم في النقاش جملة من المهتمين والكتاب وبعض المشرفين على قطاع المكتبات من ذلك ما اقترحه المسرحي السيد العلاني من ضرورة نشر المطالعة في جميع الأوساط والمؤسسات واستحداث وحدات مكتبية داخل المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية وداخل فضاءات المجتمع المدني والتعريف بالكتاب الجديد ونشر عناوين الكتب والضغط على سعر الكتاب.